تعد مبادرة حياة كريمة هي البرنامج التنموي الأكبر لتطوير الريف المصري من حيث حجم التمويل وتنوع التدخلات وسقف الغايات والأهداف المرجوة، ويتوفر للمبادرة دعم سياسي وحكومي من خلال الرعاية والمتابعة المباشرة من القيادات السياسية لكافة نتائج وتفاصيل وتقدم تنفيذ المبادرة، كما تشارك كافة جهات الدولة في المبادرة سواء من خلال الاشتراك في تخطيط وتحديد المشروعات، تنفيذ الأعمال الإنشائية والمتابعة، التشغيل وتقديم الخدمات، وتتلاقى المبادرة بشكل مباشر مع حزمة واسعة من أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامةSDGs ، كما تلبي حزمة من أهداف وغايات رؤية مصر للتنمية المستدامة 2030. ويتزامن إعداد هذه الدراسة مع إجراءات الانتهاء من تنفيذ أعمال مشروعات المرحلة الأولى التي تستهدف 1477 قرية موزعة على 52 مركز إداري في 20 محافظة، والتي سبقتها مرحلة تمهيدية تم تنفيذها على مستوى تجمعات ريفية تشهد زيادة كبيرة في معدلات الفقر متعدد الأبعاد، استهدفت 143 تجمعًا في 11 محافظة خلال العام المالي 2019/2020. من هنا كان الاهتمام بالتفكير في مرحلة ما بعد انتهاء المشروعات أو مرحلة الأعمال الإنشائية، والتنبؤ بإمكانيات استدامة الأثر التنموي للمبادرة واستمرارية تشغيل وصيانة المرافق التي نفذتها المبادرة لتقديم خدماتها للمواطنين بجودة عالية، وهو ما دفع فريق الدراسة نحو تطبيق عدد من الإجراءات المنهجية لجمع المعلومات المطلوبة وتحليلها وصولًا لاستخلاص النتائج والتوصيات، وذلك من خلال الأدوات البحثية الآتية: – استعراض السياق المفاهيمي والتطور التاريخي للجهود السابقة في تنمية الريف واستخلاص أهم الدروس، ثم توصيف الجوانب المختلفة لمبادرة حياة كريمة وعرض ملامح الأعمال الجاري تنفيذها في إطارها. – تحليل الأدبيات والأطر النظرية للقضايا والموضوعات ذات الصلة بمقومات استدامة أثر المبادرة واستمرارية تشغيل مرافقها وصيانتها، وشمل ذلك استعراض نظام إدارة التنمية الريفية وتحليل نظام التخطيط المحلي ونظام إدارة الأصول والصيانة والتشغيل، ومنظومة الموارد الذاتية للمحافظات ووحدات الإدارة المحلية. – تطبيق أدوات مناسبة لدراسة رؤية وتقييم الكوادر الفاعلة من التنفيذيين على المستوى المركزي والمحلي للجوانب المختلفة للمرحلة الأولى ومدى توفر مقومات التشغيل والصيانة الفعالة للمرافق في مرحلة ما بعد التنفيذ، وكذلك توفر الموارد اللازمة لذلك، وقد شملت هذه الأدوات استمارات لمقابلات فردية متعمقة، ومجموعات نقاش بؤرية مع الأطراف المعنية على مستوى بعض الوزارات المركزية، وعلى مستوى وحدات الإدارة المحلية والمديريات في محافظتي قنا والأقصر. ومن خلال استعراض النتائج التي خرجت بها إجراءات تحليل الأدبيات والأطر النظرية والتشريعات، وكذلك المعلومات التي كان مصدرها استجابات وآراء مسئولي الوزارات المركزية ومسئولي الإدارة المحلية والمديريات وشركات المرافق والخدمات، فقد خلص فريق الدراسة إلى مجموعة مهمة من الاستنتاجات في مجالات: دور الوحدة المحلية القروية في متابعة المرافق والخدمات وتحسينها، مقومات ومتطلبات استدامة تشغيل المرافق والخدمات وصيانتها، استجابة نظام التخطيط المحلي لمتطلبات استدامة الأثر التنموي للمبادرة واستمرارية الصيانة والتشغيل، الموارد الذاتية ومدى كفايتها لتوفير متطلبات استدامة الأثر التنموي واستمرارية صيانة المرافق والخدمات وتشغليها. كما قدمت الدراسة مقترحات في مجالات: تخطيط المراحل اللاحقة لمبادرة حياة كريمة، تفعيل مستوى القرية والمركز في متابعة تشغيل المرافق والخدمات، إدارة الأصول والمرافق وصيانتها، التشغيل والصيانة للمرافق والإنشاءات، تعزيز الموارد الذاتية للجهات المحلية، والإدارة البيئية للأصول المبنية في إطار المبادرة.
