عقد معهد التخطيط القومي الحلقة الأولي لسيمنار الثلاثاء للعام الأكاديمي 2024/2025 بعنوان” إعادة هيكلة قطاع الصناعات التحويلية في ضوء تغير نمط المزايا النسبية والتنافسية محليًا وعالميًاً” تحت مظلة مشروع مصر ما بعد 2025: رؤية تنموية طويلة الأجل، بمشاركة السيد المهندس/ محمد عبد الكريم الرئيس السابق لهيئة للتنمية الصناعية، وأدار الحلقة أ.د. مصطفى أحمد مصطفى أستاذ الاقتصاد الدولي بمعهد التخطيط القومي والمنسق العام للسيمنار، وذلك بحضور كلٍ من أ.د. أشرف العربي رئيس معهد التخطيط القومي، وأ.د. خالد عطية نائب رئيس المعهد لشئون البحوث والدراسات العليا وأ.د. أشرف صلاح الدين نائب رئيس المعهد لشئون التدريب والاستشارات وخدمة المجتمع وأساتذة معهد التخطيط القومي وعدد من المفكرين والباحثين المهتمين بهذا الشأن.
وفي هذا الإطار أوضح أ.د/ مصطفي أحمد مصطفي أن الحلقة تستهدف تقييم الهيكل القائم للصناعات التحويلية المصرية في ضوء معايير متعددة كتلك المتعلقة بالمساهمة في توليد فرص العمل، وتلبية حاجات الاستهلاك والإنتاج، والمستوى التكنولوجي، والمساهمة في الصادرات إلى جانب استعراض آفاق تعديل الأوزان النسبية للصناعات القائمة، وكذلك تحديد الصناعات الجديدة التي يمكن تبنيها في ضوء تغير نمط المزايا النسبية والتنافسية والتحولات في خريطة الصناعات التحويلية محليًا وعالميًا.
وفي ذات سياق أوضح المهندس/ محمد عبد الكريم أن القطاع الصناعي يساهم بنسبة كبيرة في الناتج المحلي الإجمالي عالميا لتصل نحو ¼ الناتج الإجمالي العالمي تقريبًا، مشيرًا إلى أن القطاع الصناعي العالمي في المرحلة الأخيرة بات يواجه تحديات متزايدة كتلك المتعلقة بارتفاع نسبة التضخم العالمي وارتفاع أسعار الطاقة، والاضطرابات المستمرة في توريد المواد الخام والسلع الوسيطة، إلى جانب تباطؤ الاقتصاد العالمي والذي أدى إلى ضعف الثقة وارتفاع حالة عدم اليقين، الأمر الذي ترتب عليه تراجع نمو هذا القطاع في العديد من الاقتصادات.
وأشار الرئيس السابق لهيئة التنمية الصناعية إلى أن مصر لديها فرصًا ومزايا تنافسية لتصبح قوة صناعية إقليمية تمكنها من استقطاب الاستثمارات الأجنبية، والنفاذ نحو الأسواق التصديرية مقارنة بالدول الصناعية الأخرى، وخاصة في ظل تداعيات الصدمات العالمية التي خلقت عددًا من الفرص الواعدة للاقتصاد المصري لاسيما بالنسبة للقطاع الصناعي بحثًا عن الاستقرار الجيوسياسي وسلاسل إمداد أكثر استقرارا.
وأضاف عبد الكريم أن الصناعات التحويلية تعد ضمن الصناعات الاستراتيجية التي تساهم في تحسين الوضع التنافسي للمنتج المصري في الأسواق العالمية، وتعظيم القيمة المضافة للخامات المصرية، بما يُمكن من اندماجه ضمن سلاسل القيمة العالمية، مؤكدًا على ضرورة تبني فلسفة جديدة للانتشار الصناعي الإقليمي، تعتمد على تصنيف المحافظات صناعيًا وفق أدلة علمية للصناعة المستدامة على مستوى المحافظات المصرية، وربط التوزيع الجغرافي للاستثمارات الصناعية بالتركيب الصناعي لكل محافظة، لرفع معدلات نجاح تعميق التصنيع المحلي.
وأكد عبد الكريم على ضرورة أهمية التكامل القاري مع أفريقيا كأحد السبل المهمة والداعمة للتحول الصناعي، وكذلك تلبية احتياجات الصناعة المحلية من مستلزمات الإنتاج والسلع الصناعية الوسيطة، مشيدًا بتقرير “تعميق التصنيع المحلي في مصر” الذي أصدره المعهد في يوليو 2023، والذي ساهم في وضع اّليات وسياسات قابلة للتطبيق، يمكن من خلالها خلق بيئة عمل متكاملة تستند على بنية تحتية وتقنية ملائمة للصناعات المختلفة.
وبشأن إعادة هيكلة قطاع الصناعات التحويلية، لفت عبد الكريم إلى ضرورة دعم استقرار السياسات النقدية الداعمة للقطاع الصناعي، ووضع إطار تشريعي منظم لعمل المطور الصناعي، وتوحيد جهة التعامل على الأراضي الصناعية، ووضع حلول مؤسسية تحول دون أي تداخل بين الجهات الحكومية، واستمرار مجهودات دمج القطاع غير الرسمي، وإعادة تشغيل المصانع المتعثرة، إلى جانب صياغة خطة متكاملة الأبعاد للوصول لنمو صحى ومستدام للصناعة المصرية.
وحول تعزيز اّليات الصناعات الوطنية تم التأكيد على ضرورة تطوير بيئة الأعمال، والهياكل التكنولوجية بالصناعة، ودعم الاندماج في سلاسل التوريد المحلية والعالمية، وكذلك تطوير منظومة الترويج لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية والنفاذ للأسواق التصديرية، فضلاً عن مواصلة جهود تمكين القطاع الخاص الصناعي، وتقديم الحوافز والتسهيلات الداعمة للاستثمار الصناعي.